الاثنين، 16 مارس 2015

ما بعد الحرب

إنها إحدى ليالي مارس .. حيث الجو المتقلب .. تارة تمطر و تارة تشمس وتارة تغبر و تعجج.

محيطي لم يتغير تقريباً منذ أشهر .. لازلت أعاند أخي أن صوت صفارة قذيفة السي فايف أقوى من الهاون و أن قذيفة الهاون  عندما تسقط تنشطر بشكل مخروطي لذلك يـفضل أن تنبطح في مكانك و أن لا تجري اما سقطت بعيداً عنك في ذلك الوقت ينبغى لك أن تجري في اتجاه القذيفة التي سقطت لأن يستحال ان تسقط قذيفتا الهاون العشوائي في وسط المكان.

يتهمني أخي بالفسوية و يصفني بالبعرة اي روث الجمل.

انا في البلكوني هذه المرة .. أستمع لحضرة سيدي محمد بن عيسى مولى مكناس .. و في يدي سيجارة منكهة بالنعناع .. أرتشف معها كعادتي كوب من الشاي الأحمر المائل للإنسواد و دعني أقل أنه أسود من وجه صقر الجروشي كما يصفه البناغزة اليوم.
في وسط ظلام الشارع أرى ضوء يتمايل كـ إشارة لطلب النجدة .. أزلت سماعات الموسيقي إذا به أحد جيراني يلوح لي ويقول لي : ألا تخاف أن تموت و في يدك سيجارة و تستمع لموسيقى و أراهن أن عليك غسل  جنابة أيضاً.
قلت له لماذا الأن فربما أموت بعد ساعات أو بعد سنوات.
قال لي : يتبين لي أنك لاتدري ما الذي حاصل حولك ي بوجار،فـ القذائف العشوائية بلغت العشرة و نيف و إثنان منها سقطت في الشارع المجاور.
هنا إنكمش كرشي و جف فمي وفكرت في الإختباء في أعمق غرف المنزل اي ما يعرف بـ "الدار الجوانية".
ثم عدت إلى رشدي لـ أقول أننا تعودنا على ذلك  فالقذائف أصبحت منا و علينا و من نسلنا.إنها كخبز السندوتشات لا يمضي دونها يومنا ونستغرب أذا مضت ليلة دون سماع صوتها .
الحرب منتهية .. يشغل تفكيري مرحلة ما بعد الحرب المليئة بعلامات الإستفهام..كل ما أنا متأكد منه أن الوضع لن يعود مثلما كان قبل الحرب ولو بعشرين سنة.
نحن نقبل على تجربة جديدة قد يكتبها التاريخ أو يرفضها بداعي نفاذ الحبر من قلمه أو إنتهاء صفحات كتابه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق