الخميس، 30 يوليو 2015

أنا في الطابور .. أنا في بنغازي.

الثانية عشر ظهراً وسط ماتبقى من بنغازي.
لم أنتبه أنني وسط زحام جزيرة دوران البركة إلى ان زمجر لي سائق في الطريق صاح لسانه بالبلاغة في شتم و سب الناس،تبعه ركوب إحدى العربات العسكرية الذي تجاوز الناس فوق الرصيف و كاد أن يصدم أحد المارة.
لم يقدر أحد أن يتكلم معه ،حتى السائق الذي كان يزمجر خلفي قد إلتزم الصمت،ربما هي هيبة الدولة أو ربما هو حكم العسكر او ربما هي شرعية الحرب التي تحمل شعار
" نحن نموت وندافع عنكم و و انتم جالسةن تحت التكييف في منازلكم".. عموماً إستغرق الوقت مني ساعة ونصف الساعة حتى وصلت للمصرف .. أخبروني أن مرتبات التعليم نزلت .. أخرجت الصك الذي أعطته لي أمي .. الطابور فيه بضعة مئات من البشر ونيف .. كلنا نتزاحم على صراف واحد .. أكلتنا الرطوبة التي فاقت الإثنان و الثمانون بالمئة .. تعرقنا و حمضنا و صارت رائحة "الصنان" لاتعلوا فوقها رائحة .. حتى سكت الجميع .. هدوء غريب .. ماذا حصل؟
إطفاء عام .. لا كهرباء الأن من طبرق و مساعد حتى غرب بنغازي .. طيب و المرتبات؟ و الصراف؟
إذهبوا إلى منازلكم و عودوا عندما تعود الكهرباء .. لممت شتات نفسي .. و مسحت العرق و غسلت وجهي بقارورة ماء أخذتها رفقة كوب مكياطة صباحاً .. تذكرت حينها أن السيارة تحتاج لبنزين و ان محطات البنزين بها مولدات كهربائية. توجهت للمحطة .. وجدت طابوراً يفوق طابور المصرف في عدد السيارات .. وقفت في أخره .. اتقدم في الطابور .. اكملت المكياطة .. و السجائر .. و صليت العصر في الشارع .. تفضل أحدهم علي بقطعة شوكولاة و قارورة ماء ..  تناولتها  .. تقدمت فالطابور .. حصلت بعض المشاكل من قبل بعض المسلحين الذين لايريدون الوقوف بالطابور .. و لكن جهاز الشرطة تعامل معهم .. أذان المغرب الأن .. صليت فالشارع .. أمامي سيارتان و أصل للتعبئة .. دخنت سجارة استلفتها من أحد "المطوبرين" حتى حانت اللحظة .. فجأة..
اغلق عامل البنزين المحطة و قال .. الخزان قد فرغ .. عودوا غداً .. هنا قدت تبسمت و ضحكت في وجهه ضحكة هيستيرية لم يشهد لها التاريخ مثيلاً.
ثم عدت بسيارتي .. بكيت .. حتى نزلت الدموع ع فمي فضحكت تلك الضحكة الهيستيرية مرة أخرى .. و تذكرت منزلنا الذي نزحنا منه منذ عام بسبب الحرب .. ثم أخذت هاتفي و صىت أبحث في القوائم عن أحد الاصدقاء او الاقارب الذي قد يرضى بـ ايواء نازح يُثقل عليه و على أسرته ولو ليلة واحدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق