الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

بنغازي و عُقد الفريق

الخامسة مساءً بتوقيت بنغازي .. أو ماتبقى منها .. خرجت من منزلي بحي بوهديمة بعد مشاهدتي لفوز مانشستر يونايتد على ساوثنهتون بثلاثية نظيفة .. ترشفت الشاي مع والدي بُعيد المباراة و ارتديت ماوجدت من ملابس و خرجت.
بعد سلامي على جيراني البلهاء لفتت نظري الحالة المرروية التي كانت تكاد تخلى من السيارات و المارة تحت جسر بوهديمة الذي أصبح معبراً حدودياً الداخل إليه مفقود و الخارج منه مولود.
أنا الأن في الحدائق .. و حال الجميع ضائق .. إلا من داعبت خلاية دماغه جرعات النيكوتين فـ بها كان رائق.
أنا بحي الفاتح .. أذوق المرار الطافح .. سيارات الإسعاف كثيرة .. زحمة زحمة .. و سيارة يدعي من يقودها بأنها عسكرية تتسلق الرصيف و تهشم ماتبقى منه .. يقسم من فيها بأنه تأخر عن محور الحرب و كأنه تأخر عن دوامِ وظيفي بالشركة العامة للمياه و الصرف الصحي.
لا أذهب للكيش ولا السبالة و البركة لم تعد كما كانت .. أما الماجوري فسكانه سلالة من المذنبين المؤلفة قلوبهم سأستمر في كرهه حتى يخرجوا عن خوفهم و جبنهم ليعيدوا فتح شارع أربعطاش و ينظموا شارع الفاتح.
أنا الأن في مكان ما .. أشرب المكياطة و أنفخ سجائري في نسائم الخريف .. بعد جولتي تأكدت أن المدينة التي نعيش فيها ليست بنغازي .. و ليست رباية الذائح بل هي مدينة أخرى .. ربما ذائحة.. أو راقصة .. على أزيز الرصاص المنحس .. تهز نهديها .. فيصفر لها الهاون تحية كتحية المجد لمن يصنعونه .. السكان هنا وصلوا أعلى حالات التبلد التام .. أيضاً هنالك تيار مغناطيسي غريب يسير في عقول السكان يجعلهم يكرهون بعضهم و ينبذون بعضهم و يسبون بعضهم وإذا حصل بعضهم على فرصة للنيل من بعضهم فسوف يستغلها للقضاء على بعضهم و إن بعض الظن إثم .. أم إسم .. أم حزم .. فمتى الحسم؟

وعلى ذكر الحسم لدي عدة أسئلة أتمنى ي قارئي إن كانت لديك السلطة لتقتلني أو تسجنني أن تفهمها كأنها أسئلة رياضية عن كرة القدم و ليست ذات إيحاء سياسي أو عسكري.

س1/ أين تدرب الفريق؟ومن أشرف على تدريباته؟
س2/ أيكفي الفريق شرف المشاركة؟أم أنه يطمح للفوز بالكأس؟
س3/ هل سيشارك الفريق الموسم المقبل ببطولة خارجية أم يكتفي بالبطولة المحلية؟
س4/ أذكر لي فريقاً خسر مباراة إعتزال لأحد نجومه؟

أنا واثق أن فريقنا لن يخسر مباراة إعتزال نجمه حيث سطع يوم الأمس من قرية المرج إحدى ضواحي بنغازي و تمتع سكانها بمنظره وهو يتلئلئ .. أما سكان بنغازي .. أو ماتبقى منهم .. لم تحرمهم عدالة السماء من خيراتها فتمتعوا برؤية الخسوف الدموي فجراً بالسماء الذي لم يطل كثيراً .. أما الدماء في شوارعها فلم يحن أوان خسوفها بعد.
إن هذا الرجل يملك من الحنكة و الدهاء مايكفي لأن تحترمه و أن تهابه , فنتاج خمسون عاماً من العمل العسكري و ربما المخابراتي لابد أن يكون النجاح وتحقيق المراد.
لكنك ياقارئي يدور في رأسك مايدور في رأسي الأن ,هل هذا الرجل هو المهدي المنتظر الذي سوف يقف أمام أكبر المشاريع البشرية نظماً ألا وهو النظام العالمي الجديد وسيطرة القوى الإمبريالية على العالم أم أنه شكلُ جديد و أداة جديدة لتنفيذ هذا المشروع بعد فشل تمكين أخوية "الأخوان المسلمين" أم أنه سيشكل فعلاً مع جاره المصري أداة ردع لهذه القوى لتعود لنا قوميتنا و كرامتنا التي فقدنها.
إن هذه الحرب سوف ينهيها عندما يطيب خاطره .. يعرف من بجانبه .. و من ضده .. ما طبيعة مستقبله السياسي وبأي وقت سيؤدي فروض الولاء و الطاعة لمدربه و لربما هو قام بتأديتها مسبقاً ولربما هو ماضي في تجهيز حملته الإنتخابية و خطة عمله منذ الأمس .. سوف تنتهي هذه الحرب بنفس السيناريو التي بداءت به .. سيدي فرج .. الهواري .. القوارشة .. بعدها سيحتفل الجميع .. أحدهم سيحتفل برمي البندقية و العودة لحياته و أسرته .. أحدهم سيفرح لأن الحرب التي أوقفت التجارة و التعليم و العمل إنتهت ولكن الفرحة الكبرى و العرس الكبير سيكون من نصيب المئة ألف مواطن و نيف الذين سيعودون لمنازلهم التي هجروا منها طيلة عام أو أكثر.. أنا لن أفرح لأنني لا أعرف كيف أفرح بطبيعتي .. لكنني سأحاول.
يبدوا أننا سنعيش بعضاً من الإستقرار و الهدوء و الزهاء قليلاً ثم لنستعد بعد ذلك لنقاتل صحبة الفريق عدواً من خلفنا بداء يعد العدة و لن يهنئ حتى ينال مراده أو يفنى دون ذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق